لنتمكن من قراءة الأعمال الفنية كمتلقين, ولنكون قادرين على إيصال الأفكار والأحاسيس كفنانين من خلال العمل الفني البصري, لابد لنا من الإلمام باللغة البصرية وإلا كان العمل الفني عبارة عن طقوس ونتاجات مبهمة وإنتاجة يكون ضياعاً للجهد والوقت معاً. واللغة البصرية - شأنها شان أي لغة أخرى - كوسيلة إتصال لها مفرداتها وقواعدها. وإذا إعتبرنا أن الفنانين - وهم الأشخاص الذين يؤدون رسالة معينة ذاتية كانت أو موضوعية من خلال العمل الفني - والمتلقين - وهم الأشخاص الذين يتذوقون العمل الفني محاولين أن يستشفوا المعاني المختزلة في ذلك العمل ويفعلون ذلك لمجرد المتعة الفنية الخالصة - أذا إعتبرنا هاتين الشريحتين هما فقط اللتان تحتاجان إلى تعلم اللغة البصرية دون غيرها من الشرائح الإنسانية نكون قد جانبنا الصواب. فكل إنسان سوي - أياً كان وضعة التعليمي أوالإجتماعي أوالعمري - يعتمد بنسبة 80% في تكوين منطق الأشياء على حاسة البصرهذا إلى جانب أن اللغة البصرية هي اللغة التي يعتمد عليها - أي الإنسان السوي - فيما يخص الشق المادي من حياتة - سواء أدرك ذلك أو لم يدرك -, بمعنى أنه عندما يقول ”أنا أحب اللون الأحمر“ ” أنا أفصل البيت الصغير“ ” أنا أحاول أن أختار الملابس المتناسقة“ فهو في الحقيقة يستخدم اللغة الصوتية للحديت عن العناصر والقواعد البصرية التي يتكون منها محيطه ولذلك فإنه بتعلمه للغة البصرية يصبح أكثر إستطاعة على إيصال المعنى الذي يريد بإستعماله اللغة المناسبة وكذلك أكثر إستطاعة على معرفة لماذا يحب اللون الأحمر ويفضل البيت الصغير وكيف يمكنه وبطريقة علمية أن يختار الملابس المتناسقة. من هذا يتضح لنا أن تعلم اللغة البصرية لا يقتصر على الفنان والمتلقي دون غيرهم فالطفل والأم والأب والمعلم والطالب ورجل الدين ورجل الأعمال والمهندس والمصمم والعامل في حاجة إلى تعلم ذلك.
التأكيد على أهمية الثقافة البصرية وتفعيلها عملياً - كونها لم تعد ضرباً من الكماليات بل أصبحت من ضروريات هذا العصر - أمر حري بإهتمام المختصين في شؤون التربية .فمعضم قنوات الثقافة الإنسانية أصبحت قنوات بصرية وأصبحت الأجيال الناشئة تعيش في بيئة تكاد تكون بصرية بحتة من التلفزيون إلى الكومبيوتر إلى الفيديو وصولا إلى الى العروض الدعائية والتي تشكل في مجموعها نصيب الأسد في التربية الفكرية لهذة الأجيال الناشئة شاء ذلك القائمون على التربية - بدأً بالوالين وصولاً إلى الأصدقا ومروراً بالمعلمين - أم لم يشاءوا. إن التعليم من خلال الوسائل البصرية هو التوجه العالمي الجديد والذي تدعو إلية وتؤيدة حقائق علمية وعملية كثيرة منها مايتصل بالقدرات البصرية الإنسانية ومنها ما يتصل بالمعلومات الخارجية والتي تمثل المادة الخام للثقافة فقد ثبت علمياً أن حجم اللحاء البصري في مخ الإنسان اكبر بخمسة أضعاف من اللحاء السمعي وثبت علمياً أن حجم المعلومات من الناحية الكمية في العالم - قريتنا الإنسانية الصغيرة - تتضاعف كل ثلاث سنوات. لهذا فلا بد من إعطاء تلك الحقائق ماتستحق من الأهمية والتعامل معها كمرتكزات أساسية في عملية إعادة هيكلة الإستراتيجيات التعليمية للدول الإسلامية عامة والدول العربية بشك أخص. إن النتيجة الحتمية لتجاهل تلك الحقائق هو التخلف الثقافي والذي تحضى - وللأسف- منطقتنا العربية بنصيب وافر منة. ولا بد من التأكيد على أن إستراتيجيات الإستيراد الفكري الذي أصبح شعاراً لنا كأمة لن يجدي في هذة المسألة و أن تفعيل القدرات البصرية كأداة لتواصلنا الفكري مع الحضارات الأخرى يجب أن يتم على أيدى المتخصصين من أبناء أمتنا والذين يدركون دون غيرهم الخصوصيات التربوية للمنهج الإسلامي .
منقول
Bookmarks